كتبت عدة مرات عن ضرورة عرض مسرحية «الحسين» للكاتب الراحل المبدع عبدالرحمن الشرقاوى، وحضرت مناظرة مع الشيخ جمال قطب تراجع فيها عن رفضه السابق ووافق فى نهايتها وبعد تقديم الحجج المقنعة على تقديم شخصية الحسين بهذا النص الجيد، وأكرر الآن وألح مرة أخرى خاصة بعد اقتحام الدراما لشخصية الفاروق عمر بن الخطاب التى ظهرت هى وشخصيات الخلفاء الراشدين الآخرين أبى بكر وعثمان وعلى فى مسلسل رمضان الماضى، صار بعد نجاح هذا المسلسل تناول شخصية الحسين على المسرح حدثاً عادياً لا يحتاج كل هذا اللغط ولا يسبب كل هذه الصدمة.

بعد الكتابة حاولت اتخاذ خطوات عملية على الأرض لخروج المسرحية إلى النور، تحدثت مع الصديق العزيز أحمد عبدالرحمن الشرقاوى طبيب الأطفال ونجل المؤلف وسألته عن كواليس المنع ففجر المفاجأة بأنه لا يوجد منع رسمى وهو يملك وثيقة رسمية تؤيد كلامه عليها موافقة الأزهر!، اندهشت وسألته فين المشكلة إذن؟، أخبرنى بأن المشكلة كانت خلافاً شخصياً بين الشرقاوى وشيخ الأزهر حينذاك د. عبدالحليم محمود، استغل الرئيس السادات هذا الخلاف وقتها لضرب الشرقاوى كرمز لليسار الذى اتهم وقتها بإشعال انتفاضة يناير أو انتفاضة الحرامية كما أطلق عليها، وكان الشرقاوى قد قدم كل الحلول الدرامية الممكنة لتمرير المسرحية، وأهمها أن كلام الحسين سيكون على لسان الراوى ودمج المسرحيتين الحسين ثائراً وشهيداً بعد الاختصار ليصبحا مسرحية واحدة ليخرجها المخرج المسرحى الكبير كرم مطاوع، بعد معركة المنع تحايل مطاوع هو الآخر وقدم ثلاثين بروفة جنرال يومية بالممثل الأسطورة عبدالله غيث سلبت لب الجمهور الذى حضرها، وماتت الفكرة بعد ذلك مع تنامى التيار الوهابى الذى كان يعتبر الشرقاوى صاحب ميول شيعية شيوعية فى سابقة تاريخية ووصف ألمعى لم يحدث لأى مفكر آخر عبر التاريخ!! .

تحدثت بعد ذلك مع الفنان التشكيلى والمنتج حسين نوح شقيق الراحل الجميل محمد نوح لما أعرفه عنه من حماس وفكر مستنير وطلبت منه مساعدتى فى خروج الحسين إلى النور فوافق على الفور، بعد دقائق اتصل بى الممثل أحمد عبدالوارث وهو فى منتهى الحماس والفرح وقال لى أنا معك فى هذه المعركة، وبدأت جلسات العمل مع د. أحمد الشرقاوى وأتمنى أن ينجح هذا الفريق، أو بالأصح الكتيبة المقاتلة، فى أن تخرج هذه المسرحية الرائعة إلى النور ويراها الجمهور المتعطش إلى مسرح حقيقى بعيداً عن مسرح الإثارة والهلس.

أرجو من الأزهر ألا يدخل معركة بأثر رجعى وأن يتيح لكل الزهور أن تتفتح وألا يجره أحد إلى معركة السنة - الشيعة المفتعلة ويوافق بل يدعم المسرحية، وأرجو من كل قارئ لـ«الوطن» أن يقرأ مسرحيتى الحسين، شهيداً وثائراً، بتجرد وبعيداً عن القوالب الجاهزة، فهى بالفعل تستحق القراءة والمشاهدة لأنها ككل المسرحيات الخالدة لا تعبر عن زمانها فقط بل أستطيع أن أقول إن الشرقاوى كتبها لهذا العصر.